تعديل

‏إظهار الرسائل ذات التسميات آيات الله. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات آيات الله. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 21 سبتمبر 2012

المكانس الكونية: آية تشهد على قدرة الخالق


 
لنتأمل معاً هذه الحقائق المبهرة حول مخلوقات تسبح بحمد ربها، كيف تحدث عنها القرآن قبل العلم بقرون طويلة.......
ربما يكون أهم ما يميز القرن العشرين اكتشاف الثقوب السوداء Black Holes، فما هي حقيقة هذه الثقوب، وكيف اكتشفها العلماء، وهل تحدث القرآن بوضوح كامل عن هذه المخلوقات الغريبة؟
كيف بدأت القصة؟
منذ القرن السابع الميلادي لم يكن أحد على وجه الأرض يتصور أن في السماء نجوماً تجري وتكنسُ وتجذب إليها كل ما تصادفه في طريقها، ولم يكن أحد يتوقع وجود هذه النجوم مع العلم أنها لا تُرى أبداً، ولكن القرآن العظيم كتاب رب العالمين حدثنا عن هذه المخلوقات بدقة علمية مذهلة، ولكن كيف بدأت قصة هذه النجوم الغريبة.
منذ عام 1790 اقترح الانكليزي جون ميشيل والفرنسي بيير سايمون وجود نجوم مخفية في السماء، ثم في عام 1915 توقعت نطرية النسبية العامة لآينشتاين وجود هذه الأجسام في الفضاء وأثرها على الزمان والمكان، وأخيراً في عام 1967 تحدث الأمريكي جون ولير عن الثقوب السوداء كنتيجة لانهيار النجوم.
كيف تأكد العلماء من وجود هذه الثقوب؟
 
صورة بواسطة مرصد هابل لمركز المجرة  M87 وتظهر وجود دوامة من الغاز حول ثقب أسود، وتدور هذه الدوامة بسرعة أكبر من 400 كيلو متر في الثانية.
في عام 1994 أثبت العلماء بواسطة مرصد هابل وجود جسم غير مرئي في مركز المجرة M87 ويلتف حوله الغاز في دوامة واضحة، وقد قدروا وزن هذا الجسم بثلاثة آلاف مليون ضعف وزن الشمس! ثم توالت الأدلة على وجود هذه الأجسام بواسطة أشعة إكس.
ما هو الثقب الأسود؟
الثقب الأسود كما يعرّفه علماء وكالة ناسا هو منطقة من المكان ضُغطت بشكل كبير فتجمعت فيها المادة بكثافة عالية جداً بشكل يمنع أي شيء من مغادرتها، حتى أشعة الضوء لا تستطيع الهروب من هذه المنطقة.
الثقب الأسود يتشكل عندما يبدأ أحد النجوم الكبيرة بالانهيار على نفسه نتيجة نفاد وقوده، ومع أن الثقب الأسود لا يُرى إلا أنه يمارس جاذبية فائقة على الأجسام من حوله [1].
كيف ينشأ الثقب الأسود؟
إن أي نجم يبلغ وزنه عشرين ضعفاً وزن شمسنا يمكنه في نهاية حياته أن يتحول إلى ثقب أسود، وذلك بسبب حقل الجاذبية الكبير وبسبب وزنه الكبير. ولكن النجم إذا كان صغيراً ونفد وقوده فإن قوة الجاذبية وبسبب وزنه الصغير غير كافية لضغطه حتى يتحول إلى ثقب أسود، وفي هذه الحالة يتحول إلى قزم أبيض white dwarf أي نجم ميت.

انفجار النجوم هي المرحلة الأولى لتشكل الثقوب السوداء، وقد وجد العلماء أن جميع النجوم ستنفجر بعد نفاد وقودها وتتحول إلى أشكال أخرى من النجوم، ولكن الشكل الأخطر هو الثقب الأسود.

هل ستتحول جميع النجوم إلى ثقوب سوداء؟
حتى يتحول النجم إلى ثقب أسود في نهاية حياته يجب أن يتمتع بوزن كبير، فالشمس مثلاً وبعد أربعة آلاف مليون سنة سوف تستهلك وقودها النووي وتنطفئ بهدوء، ولن تتحول إلى ثقب أسود لأن وزنها غير كاف لذلك.
وربما نجد في كتاب الله تعالى إشارة لطيفة إلى هذا التحول في قوله تعالى: (إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [التكوير: 1]. إذن ليس هنالك أي انهيار للشمس إنما انطفاء بطيء، وهذا ما عبّر عنه القرآن بكلمة (كُوِّرَتْ). ففي القاموس المحيط نجد كلمة (كوَّر) أي أدخل بعضه في بعض [2] وهذا ما سيحدث للشمس حيث تتداخل مادتها بعضها في بعض حتى تستهلك وقودها وتنطفئ.
كيف يعلم الفلكيون بوجود الثقب الأسود؟
يتميز الثقب الأسود بجاذبية فائقة، ولذلك فإن أي غاز قريب منه مثلاً، فإنه سينجذب إليه ويدور في دوامه عنيفة مولداً حرارة عالية نتيجة هذا الدوران مثل الإعصار السريع، هذه الحرارة تبث الأشعة السينية باستمرار وهذه الأشعة يمكن للفلكيين التقاطها بسهولة بواسطة أجهزتهم، ولذلك يعلمون بأن هذه المنطقة تحوي ثقباً أسود.
سرعة الهروب
إن سرعة الهروب هي السرعة اللازمة للجسم لكي ينفلت من حقل الجاذبية المحيط به، وفي أرضنا نجد أن أي جسم حتى يتمكن من الخروج من نطاق الجاذبية الأرضية يجب أن يُقذف بسرعة أكبر من 11 كيلو متراً في الثانية الواحدة.
وفي حالة الثقب الأسود تكون سرعة الهروب عالية جداً ولا يمكن لأي جسم تحقيقها، حتى الضوء الذي يتحرك بسرعة 300 ألف كيلو متر في الثانية لا يستطيع الهروب من جاذبية الثقب الأسود لأن سرعته غير كافيه لذلك. وهذا ما يجعل الثقب الأسود مختفياً لا يُرى.
 
مجموعة من المجرات على بعد 250 مليون سنة ضوئية، وقد اكتشف العلماء في عام 2002 وجود عدد كبير من الثقوب السوداء في هذه المنطقة. المصدر www.nasa.gov
الثقوب السوداء الثقيلة
وهي ثقوب سوداء تزن أكثر من ألف مليون مرة وزن الشمس!! وتنمو باستمرار في مراكز المجرات ومنها مجرتنا درب التبانة، وهذه الثقوب الهائلة تكنس الغازات والأجسام القريبة منها باستمرار، وتجذب إليها أي شيء قريب بنظام شديد الدقة.
بين كلام العلماء وكلام القرآن
يخبرنا علماء الغرب اليوم حقيقة علمية وهي أن الثقوب السوداء تسير وتجري وتكنس كل ما تصادفه في طريقها، وقد جاء في إحدى الدراسات حديثاً عن الثقوب السوداء ما نصه:
It creates an immense gravitational pull not unlike an invisible cosmic vacuum cleaner. As it moves, it sucks in all matter in its way — not even light can escape.
وهذا يعني: إنها - أي الثقوب السوداء – تخلق قوة جاذبية هائلة تعمل مثل مكنسة كونية لا تُرى، عندما تتحرك تبتلع كل ما تصادفه في طريقها، حتى الضوء لا يستطيع الهروب منها [3].
وفي هذه الجملة نجد أن الكاتب اختصر حقيقة هذه الثقوب في ثلاثة أشياء:
1- هذه الأجسام لا تُرى: invisible
2- جاذبيتها فائقة تعمل مثل المكنسة: vacuum cleaner
3- تسير وتتحرك باستمرار: moves
وربما نعجب إذا علمنا أن هذا النص المنشور في عام 2006 قد جاء بشكل أكثر بلاغة ووضوحاً في كتاب منذ القرن السابع الميلادي!!! فقد اختصر القرآن كل ما قاله العلماء عن الثقوب السوداء بثلاث كلمات فقط.
يقول تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) [التكوير: 15-16]. ونحن في هذا النص أمام ثلاث حقائق عن مخلوقات أقسم الله بها وهي:
1- الْخُنَّسِ : أي التي تخنس وتختفي ولا تُرى أبداً، وقد سمِّي الشيطان بالخناس لأنه لا يُرى من قبل بني آدم. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة invisible أي غير مرئي.
 2- الْجَوَارِ: أي التي تجري وتتحرك بسرعات كبيرة. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة moves أي تتحرك، مع العلم أن اللفظ القرآني أدق لأن فيه إشارة إلى الجريان والسرعة، أما كلمة moves فلا تعبر عن السرعة الكبيرة التي يتحرك بها الثقب الأسود.
3- الْكُنَّسِ: أي التي تكنس وتبتلع كل ما تصادفه في طريقها. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة vacuum cleaner أي مكنسة.
مخلوقات تسبح الله!
لقد اكتشف علماء وكالة ناسا الأمريكية للفضاء ذبذبات صوتية تصدر عن الثقوب السوداء! فقد رصدوا موجات تقع ضمن الترددات الصوتية تصدر عن الغاز المحيط ببعض الثقوب السوداء في تجمع للمجرات البعيدة [4]. وقد تكون هذه الأصوات التي تصدرها الثقوب السوداء هي تسبيح وامتثال لأمر الله تعالى، وهنا نتذكر البيان الإلهي: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44].
 
صورة بالأشعة السينية للغاز بين المجرات والقريب من الثقوب السوداء، ونلاحظ التموجات عليه نتيجة إصدار هذه الثقوب للأمواج الصوتية. المصدر www.nasa.gov
أيهما أدق القرآن أم العلم الحديث؟
دائماً يحدثنا كتاب الله تعالى عن حقائق مطلقة لا تتغير، ولا يتطرق إليها التبديل أو التعديل، أما علماء البشر فهم يكتشفون الأشياء تدريجياً وخلال رحلة اكتشافهم للثقوب السوداء يختارون من الأسماء لهذه المخلوقات حسب حدود معرفتهم.
فعندما أطلقوا على هذه النجوم اسم "الثقوب السوداء" كانت هذه التسمية خاطئة تماماً ولا تعبر عن حقيقة هذه النجوم، ولكنهم لم يعودوا قادرين على تغيير هذا الاسم لأنه التصق بهذه المخلوقات، فكلمة (ثقب) تعني (خرق) وهذا يعني أن الثقب هو فراغ في السماء وهذا خطأ، لأن هذه النجوم ثقيلة جداً تزن ملايين المرات وزن الشمس فكيف نسميها ثقوباً!!
وكذلك كلمة (أسود) هي لون من الألوان، والواقع أن هذه النجوم لا تُرى أي لا أحد يعرف لونها وحقيقة ما تبدو عليه فمن الخطأ وصفها باللون الأسود. ومن هنا نستنتج أن الوصف البشري غير دقيق، بينما كتاب الله تعالى أخبرنا عن الاسم الدقيق الذي يعبر عن حقيقة هذه النجوم.
فكلمة (الخُنَّس) جاءت من فعل (خَنَسَ) أي اختفى، وكلمة (الجوارِ) أي مجموعة النجوم التي تجري بسرعة. وكلمة (الكُنَّس) جاءت من فعل (كَنَسَ) أي جذب إليه كل شيء من حوله. وهذه الكلمات الثلاث تصف لنا آلية عمل هذه النجوم، فهي لا تُرى وهي تجري وهي تكنُس، ولذلك نجد أن العلماء حديثاً يفضلون تسمية هذه النجوم بـ "المكانس الكونية" ويجدونها أكثر دقة من "الثقوب السوداء".
نستنتج أن القرآن يسبق العلماء دائماً في الحديث عن الحقائق الكونية، ويتفوق عليهم في إطلاق التسمية الصحيحة، وأن هذه المخلوقات ما هي إلا آية تشهد على قدرة الخالق في كونه، وهذا يدل على أن القرآن كتاب الله تعالى وليس كتاب بشر، ولذلك قال تعالى عن هذا القرآن: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].
ــــــــــــ


المراجع

1- http://hubblesite.org/reference_desk/faq/all.php.cat=exotic

2- Hawking, Stephen. A Brief History of Time, Bantam Publishing, 1996.

3- At the heart of every galaxy lurks a black hole, astronomers believe, www.chron.com, Jan. 14, 1997.

4- No Escape: The Truth About Black Holes, www.amazing-space.stsci.edu

5- Boslough, John. Stephen Hawking's Universe. Morrow Publishing, 1985.

6- Hawking, Stephen. A Brief History of Time. Bantam Publishing, 1996.

7- Novikov, Igor. Black Holes and the Universe. Cambridge University Press, 1995.


الهوامش
1- www.hubblesite.org, Black Holes.

2- معجم القاموس المحيط، دار المعرفة 2005.

3- Black Holes: The Deadliest Force in the Universe,www.abcnews.go.com, Aug. 28, 2006.


4- Black Hole Sound Waves, www.nasa.gov












 





بركان هائل في قاع المحيط


 
ما أكثر الاكتشافات العلمية التي تحدث عنها القرآن، وفيما يلي اكتشاف جديد يؤكد أن قاع المحيط مشتعل.......
اكتشف العلماء منذ أيام قليلة ثورة بركانية ضخمة جداً في قاع المحيط الهادئ، ويقولون إن هذا البركان نتج عن صدع طويل يقع على عمق 2500 متر تحت سطح البحر. وكان هنالك ما يشبه الانفجار العظيم حيث صعدت الحمم المنصهرة وتراكمت وشكلت غيمة ملتهبة ترتفع عن قاع المحيط 250 متراً، وتحمّي وتسخن الماء بشكل كبير.


صورة تمثل بعض الصدوع في قاع المحيط الهادئ والتي تتدفق منها الصخور الملتهبة فتشعل الماء، وتشكل غيوماً من الحمم المنصهرة، المصدر The National Science Foundation.
ويؤكد العلماء أن مثل هذه الانفجارات تتكرر باستمرار وتدوم لفترة طويلة، حتى إن الذي يراقب هذه البراكين والثورات البركانية يحس وكأنه أمام بحر مشتعل لا ينطفئ.
أخي القارئ! عندما يقرأ أحدنا أخباراً علمية كهذه يتذكر على الفور حديث القرآن عن التسجير لماء البحر، يقول تعالى: (والبحر المسجور) [الطور: 6]، أي المشتعل والمسخّن. ومن القاموس المحيط تقول العرب: سجر التنور أي أحماه، وبكلمة أخرى رفع درجة حرارته. ومن هنا ندرك أن الله أقسم بهذا البحر المشتعل لحكمة عظيمة، وهي: كما تدركون أيها العلماء حقيقة هذا البحر وهذا الاشتعال، يجب عليكم أن تدركوا حقيقة هذا القرآن الذي حدثكم عن هذه الاكتشافات، لذلك يقول تعالى في أواخر هذه السورة عن القرآن: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) [الطور: 33-34].
ولا بد أن نتساءل: هل القرآن كتاب علم وحقائق علمية أم هو كتاب أساطير وخرافات كما يدعي بعض المشككين؟؟



 




الماء الطهور


 
هناك حديث نبوي معجز يؤكد فيه النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم أن الماء طهور لا ينجسه شيء، هل هناك حقائق علمية حول هذا الموضوع؟......
قال صلى الله عليه وسلم: (إن الماء طهور لا ينجسّه شيء) [حديث حسن رواه الترمذي والنسائي]. قال تبارك وتعالى: (وأنزلنا من السماء ماء طَهوراً) [الفرقان: 48]. ويقول أيضاً: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [الحجر: 22].
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: (وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) أي وما أنتم له بحافظين، بل نحن ننَزّله ونحفظه عليكم ونجعله معيناً وينابيع في الأرض، ولو شاء تعالى لأغاره وذهب به. وسبحان الله! العلماء اليوم يؤكدون أن تخزين المياه تحت الأرض ينقي هذا الماء ويعقمه ويحفظه لنا سليماً لنشربه، والقرآن يذكرنا بهذه النعمة نعمة تخزين الماء في الأرض ويخبرنا أن الله هو من يخزّن هذا الماء وليس نحن، فهل نشكر نعمة الله تعالى؟
إنها نعمة عظيمة من نعم الخالق عز وجل أن جعل تحت الأرض خزانات ضخمة من الماء العذب النقي، فما هو الجديد في هذا الموضوع؟ لقد حاول العلماء منذ أكثر من قرن استخدام وسائل عديدة لتنقية المياه، فالمياه الموجودة على سطح الأرض تكون عادة ملوثة بالكائنات الدقيقة التي تسبب مختلف أنواع الأمراض للإنسان. فابتكروا محطات تنقية المياه، ووحدات تحلية مياه البحر والفلاتر بأنواعها وابتكروا أساليب كثيرة لتنقية الماء.
ولكن قد تعجب عزيزي القارئ من أحدث أسلوب لتنقية المياه مهما كانت درجة تلوثها، وهو أن نضع المياه الملوثة ونخزنها تحت سطح الأرض! فقد ابتكر هذه الطريقة الدكتور سايمون توز طريقة سهلة ورخيصة لتنقية المياه الملوثة وذلك من خلال تخزينها في الطبقات الجوفية تحت سطح الأرض وذلك لعدة شهور.
ويقول إن هذه الطريقة كفيلة بأن تقتل جميع أنواع الكائنات الدقيقة الضارة والتي تشكل خطراً على الإنسان. مثل شلل الأطفال وأمراض الإسهال وغير ذلك من الأمراض الفيروسية الخطيرة.
تعتبر هذه الطريقة إحدى أنواع التنقية الطبيعية geopurification وقد أودع الله في الأرض خصائص رائعة حيث تمتص الأرض من المياه كل أنواع الجراثيم والفيروسات والزيوت والمواد الدهنية والأوساخ وغير ذلك من الملوثات.
 
وقد احتار العلماء في سر هذه التنقية العجيبة، حيث يقول الدكتور سايمون:
"We know the pollution goes, but we don't know how"
نحن نعلم أن التلوث يزول، ولكن لا نعلم كيف!
ولكن القرآن الكريم وهو كتاب العجائب (ولا تنقضي عجائبه) حدثنا عن نعمة عظيمة من نعم الله علينا حيث تحدث عن تخزين المياه تحت سطح الأرض وأن الله هو الذي أودع في الأرض خصائص التخزين والتنقية وجعل الماء قابلاً للشرب والسقاية. يقول تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [الحجر: 22].
 
صورة بالمجهر لحبيبات التراب، وتظهر فيها الفراغات التي أودعها الله ليكون التراب قابلاً لتخزين الماء، كما أودع الله في التراب مواد مطهرة تقتل الجراثيم والملوثات العالقة بالماء، من الذي أودع في تراب الأرض هذه القدرة التخزينية الرائعة؟ إنه الله القائل: (وما أنتم له بخازنين)!
وقد طرح أحد العلماء حديثاً سؤالاً: إذا كان الماء يطهر كل شيء، فكيف يمكن أن نطهر الماء من الأوساخ التي تعلق به؟ وبعد بحث طويل وجد في التراب مواد معقمة تقتل الجراثيم العالقة في الماء، وبالتالي فإن الله تعالى قد سخر هذه المواد التي يسميها العلماء "مضادات حيوية" وأودعها في التراب الذي خُلقنا منه وسنعود إليه، لتكون وسيلة رائعة ومجانية في تنقية الماء الذي نشربه. يقول تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية: 13].
ويقول العلماء لولا هذه الخصائص التي يتميز بها تراب الأرض لفسد هذا الماء، ولم تعد الأرض مستودعاً صالحاً لتخزين المياه ولما أمكن لنا أن نشرب هذه المياه أبداً! أليس هذا ما أكده القرآن بقول الحق تبارك وتعالى: (فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)؟؟؟

اختفاء بحر الآرال


 
عندما يعبث الإنسان بالطبيعة التي خلقها الله بنظام محكم، فإن هذا النظام سيختل وسوف ينعكس ذلك على شكل كوارث وجفاف .......
الله سبحانه وتعالى خلق الأرض بنظام متوازن، ومن الآيات العظيمة قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا) [الفرقان: 53]. فقد يظن البعض أن هذه الآية مجرد تذكير بنعمة الله علينا، أو أنها مجرد حقيقة علمية سبق القرآن لذكرها. ولكن بالإضافة إلى هذا هناك عبرة عظيمة وهي التذكير بأهمية هذه المنطقة "منطقة مصب النهر في البحر".
إذاً الآية الكريمة تشير إلى أن الله تعالى هو من خلق هذا النظام ليضمن لنا الحياة السعيدة والمطمئنة، ولتستمر حركة الحياة وتستمر البحار والأنهار. ولكن الذي حدث أن الإنسان خالف هذا القانون وحوَّل مصبات الأنهار عن البحار من أجل سقاية الأراضي ظناً منه أنه يفعل خيراً... فماذا كانت النتيجة؟
كانت النتيجة أن البحار والأنهار بدأت تختفي!! وهذا ما حدث مع بحر الآرال أكبر أربعة بحار موجودة ضمن اليابسة. فقد بدأ ينحسر ويجف تدريجياً. تأملوا معي صورة الأقمار الاصطناعية.
 
صورة بالقمر الصناعي التابع لوكالة الفضاء الأوربية تبين لنا حدود بحر الآرال "اللون الأخضر" هذه الصور التقطت حديثاً عام 2009 ، وفي الأعلى ضمن المربع صورة التقطت عام 2005 حيث كانت حدود البحر أكبر بكثير... انظروا مدى التدمير البيئي الذي مارسه الإنسان بنتيجة نشاطاته وتلويثه للبيئة وتحويله الأنهار عن مجراها الطبيعي! المصدر ESA
 
وانظروا معي إلى صورة البحر الآن، ولا أتذكر إلا قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) [الملك: 30]:
وسبحان الله! لو أن العلماء انتبهوا لهذه الآية الكريمة وإلى أهمية منطقة المصبات حيث تلتقي الأنهار بالبحار... لما حدثت هذه المأساة أن نجد بحراً كاملاً يجف أمام أعيننا. فقد قطعوا عن هذا البحر النهرين الأساسيين حيث كان يتغذى عليهما لآلاف السنين دون أن يحدث أي خلل، ولكن الآن تعاني المنطقة من عواصف رملية عنيفة وتلوث بيئي كبير!! انظروا عندما يتدخل الإنسان في عمل الطبيعة! ولكن بعدما رأى الباحثون هذه الظاهرة المدمرة، بدأوا يفكرون بإعادة تحويل مجرى النهر إلى هذا البحر بتكلفة تقدر بمئات الملايين من الدولارات!! وسبحان الله ماذا يضرهم لو تركوا الأمر كما هو دون أن يتدخلوا ويغيروا هذا النظام؟
 
ثم إن التغيرات المناخية الناتجة عن تبذير البشر وقذفهم بالملوثات والرفاهية الزائدة والإسراف في كل شيء... أدت إلى جفاف الأنهار أيضاً. فمعظم الأنهار الصغيرة قد جفت خلال السنوات القليلة الماضية، والدور آتٍ على الأنهار الكبيرة.
 
إذاً الحقيقة التي نراها اليوم أن الأنهار تنحسر وتتراجع وتجف. وهنا أود أن أتذكر معكم حديثاً شريفاً يتحدث عن علامات يوم القيامة ومنها انحسار نهر الفرات. وبالفعل فقد قلَّت كمية المياه في هذا النهر بشكل كبير، وخلال السنوات القامة سنشهد انحساراً كبيراً لهذا النهر بسبب الجفاف والاحتباس الحراري.
وهنا نود أن نتساءل: كيف علم النبي صلى الله عليه وسلم بأن نهر الفرات سينحسر؟ أو كيف علم بأهمية منطقة البرزخ بين البحر والنهر حتى يذكرها لنا ويحدثنا عن أهيمتها؟ لابد أن الله تعالى قد أخبره بهذه الحقائق الغيبية لتكون دليلاً على صدق نبوَّته عليه السلام.

الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

بَدْء الخَلِيقَة حَقِيقَة أَفْحَمَت المُكَابِرِين

بَدْء الخَلِيقَة حَقِيقَة أَفْحَمَت المُكَابِرِين 



هل يُمكن أن تعتقد حقًا أن هذه الحجرة المُرَتَّبَة الأثاث
هي التي قامت بتنظيمه؛ أو أنه قد رتَّب نفسه صدفة
!.
د. محمد دودح
المستشار العلمي بالهيئة العالمية
للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
mdoudah@hotmail.com



منذ القدم كان هذا الكون العجيب محط تساؤل الإنسان وفضوله؛ وتردد السؤال: هل صنعت الكون حقًّا مصادفة؟, ودافع المؤمنون بالأدلة العقلية أن الوجود لا يمكن أن يصنع ذاته وإنما يشهد بضرورة المُبدع القدير، وظل الملحدون يُرَدِّدُون مقولة الدهريين بلا أثرة من منطق أو علم أن المادة أزلية؛ موجودة هكذا أبد الدهر, والطبيعة تجدد أشكالها بذاتها, ويكشف القرآن الكريم الأساس الواهي لزعم الدهريين في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ الجاثية: 24, وذكر المتقي المكي في مناقب أبي حنيفة (ص51) مناظرة جرت بين الإمام أبي حنيفة وجماعة من الدهريين الملحدين؛ ونقلت كحكاية وعظية مفادها انتظارهم على شاطئ دجلة بحضور السلطان والحاشية لمجيئه من الشاطئ المقابل ليحاورهم, وبرر تأخره باجتماع بعض ألواح ثبتتها مطرقة بالمسامير بلا طارق وكونت قاربًا من ذاتها؛ اعتلاه وقدم إليهم, فاتهموه بالجنون, فأقام الحجة عليهم بقوله: "كيف تُنْكِرُون صنع قارب بدون صانع ثم تقبلون أن تكون سماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج من صنع العبث والوهم والمصادفة!"‏.
وقد جاءت الكشوف العلمية في كل مجالات العلوم شاهدةً للقرآن الكريم بالسبق, وأحدث اكتشاف قد نال أصحابه جائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام 2011, وهو يعلن أن الكون على مستوى المجرات البعيدة يبدو في توسع يتسارع مع الابتعاد مما يؤكد أن له ابتداء؛ يعني لحظة خلق, وهو ما أعلنته مسبقا نظرية الانفجار الكبير Big Bang وأكده الاكتشاف الجديد باستخدام وسائل أحدث, وقد أسقط علم الفلك فرضيات الإلحاد التي شاعت في القرن التاسع عشر, وصدمت نظرية الانفجار الكبير الإلحاد بتأكيدها أن للكون ابتداء يُعلن بضرورة الخالق كحقيقة يشهد بها كل الخلق, وأيدت الفيزياء علم الفلك أن في الكون منذ البداية إبداعًا يفوق الوصف وتوازنًا يهز الوجدان وتصميم وتخطيط بإتقان يفوق الخيال لا يمكن أن تصنعه مصادفة, ورغم النزوع الإلحادي اضطر الفيزيائي ستيفن هوكنج إلى الاعتراف في كتابه (تاريخ موجز للزمن) دافعًا الفوضى بقوله (ص 140): ليس كل تاريخ العلم إلا التحقق التدريجي من أن الأحداث لم تقع بطريقة اعتباطية بل تعكس ترتيب ونظام ضمني أكيد"؛ وطعن في الإلحاد بقوله (ص 122): "طالما أن للكون بداية فحتما لا بد من خالق", وبالمثل دفع إتقان التصميم في الكون الفيزيائي روس في كتاب (الكون والخالق) إلى الاعتراف أيضًا بقوله صريحًا (ص 123): "عندما أبحث عن إلحادي لأناقشه أذهب إلى قسم الفلسفة في الجامعة؛ لأنه لم يبق في علم الفيزياء Physics شيء يدل عليه". 

                              
ثلاثة باحثين نالوا جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2011
لتأكيدهم توسع الكون وتباعده مما يقطع بأن له ابتداء
.


وبالمثل قال ألفريد هويل: "تقول نظرية الانفجار الكبير بأن الكون نشأ نتيجة انفجار كبير، ونحن نعلم أن كل انفجار يبعثر المادة دون نظام، ولكن الانفجار الكبير عمل العكس، إذ عمل على جمع المادة وفق تصميم وقدرة فريدة لتشكيل المجرات والنجوم والتوابع ونشأة الإنسان على هذه الأرض"، وقال جورج كرنشتاين: "كلما دقَّقنا في الأدلة التي يقدمها الكون المفتوح الصفحات أمامنا واجهتنا على الدوام الحقيقة نفسها، وهي أن هناك قدرة إلهية خلف بدء الخلق وكافة الأحداث"، وقد كتب السير فِرِيِد هويل Sir Fred Hoyle في مقالة نشرت عام 1981 أن: "احتمال الصدفة في ظهور الوجود بتوجيه رشيد يقارن بفرصة قيام سيل يمر بساحة خردة لتتجمع طائرة بوينج 747 صالحة للطيران", والنتيجة التي يقود إليها العلم والمنطق وليس الإيمان فحسب هي أن كل الوجود قد جاء بتخطيط واعي وقصد أكيد, ومن يظل معتقدًا في عصرنا بالفلسفة المادية بعدما دحضها العلم في كل المجالات العلمية عليه ألا يحسب نفسه من المحققين, قال ماكس بلانك: "ينبغي على كل من يدرس العلم بجدية أن يقرأ العبارة الآتية على باب محراب العلم: تَحلَّى بالإيمان", وقال الدكتور مايكل بيهي: "على مدى الأربعين سنة الماضية اكتشف علوم الحياة أسرار الخلية، واستلزم ذلك من عشرات الآلاف من الأشخاص تكريس أفضل سنوات حياتهم, وتجسَّدت نتيجة كل هذه الجهود المتراكمة لدراسة الخلية في صرخة عالية تقول: التصميم المُوَجَّه الرشيد Directed Design Rationally؛ وهو يؤدي حتماً إلى التسليم بوجود الخالق المُبدع", وقد وصف تشاندرا كراماسنغي الحقيقة بقوله: "تعرض دماغي لعملية غسيل هائلة كي أعتقدَ أن العلوم لا يمكن أن تتوافق مع أي نوع من أنواع الخلق المقصود, (ولكني الآن) لا أستطيع أن أجد أية حجة يقبلها العقل تستطيع الوقوف أمام دلائل قدرة الخالق حولنا؛ الآن ندرك أن الإجابة المنطقية الوحيدة لظهور الوجود هي الخلق وليس الخبط العشوائي غير المقصود", وهذا ما يُعلنه القرآن الكريم بجلاء: "سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعْلَىَ. الّذِي خَلَقَ فَسَوّىَ. وَالّذِي قَدّرَ فَهَدَىَ" الأعلى 1-3.

                                                 
كل انفجار يبعثر المادة دون نظام؛ فكيف انتظمت عوالم
النجوم والمجرات بلا إرادة واعية وسبق تقدير وقصد
!. 

وقد تجمع اليوم من الأدلة العلمية ما يكفي للقطع بخلق الكون منذ عدة مليارات من السنين، وأن سرمدية المادة وهم، والدليل العلمي يدفعه، وتلاشت الآن تماماً فرضية الكون الأزلي Steady State Theory التي تقول بأن الكون لا مولد له، أي: أنه لا نهائي في الزمان والمكان، رغم أنها كانت هي النظرية المقبولة في الأوساط العلمية حتى منتصف القرن العشرين, ومقتضى الاكتشاف الجديد تأكيد معاينة الآفاق الكبرى للكون في انحسار وتباعد, ومع التباعد تتزايد سرعة الانحسار مثل بالون رُسمت عليه المجرات كنقاط تتباعد مع نفخ البالون, وطالما أن الكون يبدو في توسع فبالعودة للماضي يكون له ابتداء كانفجار توسعت أطرافه له نقطة ابتداء؛ من هنا كانت التسمية بالانفجار الكبير, ولكن التوسعة كانت حين البناء, ومع اكتمال بناء طوابق البيت لا يصح القول بأن الارتفاع والتوسع دائم بلا نهاية؛ فهو أشبه بنفي البداية, والضوء الذي تُصدره المجرات البعيدة محدود السرعة ولذا لا نُعاين من الكون سوى الماضي, وما يبدو من تباعد إنما هو قراءة للماضي البعيد, ولا يمكن لأحد غير الله تعالى معرفة الأحداث الآنية, والمُنزلق إذن قراءة الاكتشاف الجديد على أنه توسع بلا نهاية؛ فهو أقرب لتحايل الإلحاد بالقول بسرمدية الكون ونفي البداية تشكيكًا بحتمية الخالق, وإلاَّ فإن الطرف الأقرب من الكون يُمكننا أن نستطلع فيه مجيء دلائل ارتداد الكون واقتراب النهاية؛ وكمثال تُرصد المَجَرَّة الأقرب مقتربة بسرعة 300 كم\ثانية بخلاف الطرف الأبعد, وإذا كان الطرف البعيد يعاني مما يعانيه الطرف الأقرب ولم تصلنا بعد شواهد اقترابه لبعده الشديد؛ فإن الكون فعلا في ارتداد, والنهاية في اقتراب تمضي بأقصى سرعة مقدرة للانتقال وتأتي بغتة؛ سبقتها شواهد الارتداد لتطوى صفحة الكون المُشَاهد.

بدء الخلق حقيقة علمية أفحمت المكابرين.
وتُقاس الأبعاد فلكيًّا بوحدة الزمن المناسبة وأقصى سرعة للانتقال؛ وهي حوالي 300 ألف كم, فنقول يبعد القمر حوالي ثانية ضوئية؛ أي المسافة التي يقطعها الضوء في ثانية, وتبعد الشمس ثمان دقائق ضوئية, وأقرب نجم Alpha Centauri يبعد 4.37 سنة ضوئية, فلا نشاهد أي حدث كوني إذن إلا بعد وقوعه بفترة تتناسب مع بعده عنا, وما نعاينه في الكون من تباعد المجرات البعيدة إنما هو قراءة لحدث وقع في الماضي وليس قراءة لحدث آني, وفي قوله تعالى: "أَتَىَ أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ" النحل 1؛ إعلان صريح بقدوم قوى الدمار وإن لم تصل بعد تسري بأقصى حد مُقَدَّر للسرعة في الخلاء, وهو يزيد قليلا عن سرعة لمح ضوء يُبْصَر في جو الأرض, والحدث الآني إذن محجوب ولا يعلمه سوى المُبدع القدير, يقول العلي القدير: "وَلِلّهِ غَيْبُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَآ أَمْرُ السّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" النحل 77.
والقرآن الكريم يؤكد على قرب ساعة الدمار والخراب وموعد الحساب؛ قال تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) الأنبياء 1, وقال تعالى: )َزِفَتْ الْآزِفَة) النجم 57, وقال تعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) محمد 18, وقال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنّكَ حَفِيّ عَنْهَا قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ) الأعراف 187، قال ابن كثير (رحمه الله تعالى): "(وفي كل هذا) يخبر تعالى عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها كما قال تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوه) النحل 1", ومن الدقة إذن القول بأن الكون على مستوى المجرات البعيدة يبدو للراصد في تباعد وحاله آنيا محجوب, وبدء الخليقة حقيقة علمية قضت للأبد على وهم أزلية المادة وسرمدية الكون؛ وكشفت زيف الإلحاد فطواه الزمن. 

   
بدء الخليقة حقيقة علمية قضت للأبد على وهم أزلية المادة وسرمدية الكون.



ولا يفوت المُتَأَمِّل أن التعبير عن التوسع برفع السماء جاء بصيغة الماضي لفعل (الرفع) بلا استثناء؛ مما يقصر التوسع على وقت البناء ويعارض التوهم بالاستمرار بلا نهاية, يقول تعالى: (أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. وَإِلَى السّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ" الغاشية 17و18، ويقول تعالى: (وَالسّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) الرحمن 7، ويقول تعالى:( اللّهُ الّذِي رَفَعَ السّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) الرعد 2، وجاء التعبير عن الرفع بلفظ الخلق بالماضي بيانا لتكامل البناء في قوله تعالى: (خَلَقَ السّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) لقمان 10، إنه إذن عمل كامل والبناء تام التشييد, والسماء اليوم مرفوعة ومترابطة الأركان, وقد ورد بيان خلقها بالماضي بفعل (البناء) كذلك بلا استثناء, يقول تعالى: ( أَفَلَمْ يَنظُرُوَاْ إِلَى السّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا) ق 6، ويقول تعالى: (وَالسّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا) الشمس 5، وفي قوله تعالى: (وَالسّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنّا لَمُوسِعُون) الذاريات 47؛ فعل (البناء) بالماضي يفيد التكامل, والصيغة (مُوسِعُونَ) من السعة في القدرة, وهي غير الصيغة (مُوَسِّعُون) من التوسعة في الحيز؛ أي نوسعها دومًا, وقوله تعالى (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ) البقرة 236؛ يُرَجِّح أن لفظ (مُوسِعُونَ) أي قادرون على إعادتها كما هو قول جمهور المفسرين مصداقًا لقوله تعالى( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) الأنبياء 104, قال ابن عباس (رضي الله تعالى عنهما): "(وإنا لموسعون): لقادرون", وقال مجاهد: "معناه يسع قدرتنا أن تخلق سماء مثلها", وقال الرازي: "وبناء السماء دليل على القدرة على خلق الأجسام ثانيا", وفي تفسير قوله تعالى: (أَأَنتُمْ أَشَدّ خَلْقاً أَمِ السّمَآءُ بَنَاهَا. رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوّاهَا) النازعات 27و28؛ تعبير رفع السمك بالماضي يعني التوسع في مرحلة التكوين قبل أن يستقر الكون ويكتمل البناء, قال ابن كثير: "قوله تعالى (بناها) فسره بقوله (رفع سمكها فسواها) أي جعلها عالية البناء.. مكللة بالكواكب (والنجوم)", وقال الرازي: "المراد برفع سمكها شدة علوها", وقال السيوطي: "رفع بنيانها", وقال أبو السعود: "رفع سمكها.. أي جعل مقدار ارتفاعها من الأرض.. مديدًا", وقال الألوسي: "فالمعنى جعل ثخنها مرتفعا في جهة العلو", فتأمل الدقة في التعبير عن قضايا تتعلق بالكون الكبير تفوق أفق المعرفة في بيئة التنزيل؛ وبتلطف لا يلفت عن الغرض!, ويكفي القرآن الكريم لفت النظر إلى شواهد بدء الخلق على مستوى الكون الكبير ليستبين الفطين قدرة الخالق, قال تعالي: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ 29 العنكبوت: 20, ويكفي إعلان القرآن عن خفايا التكوين قبل أن يدركها بشر كدليل حاسم على التنزيل, وهكذا يجد المُتَأَمِّل في الكتاب الكريم من المضامين ما يسبق بكشف قصة الخلق على مستوى آفاق التكوين على نحو يتفق تمامًا مع الكشوف العلمية مصداقًا لوعد أكَّده القرآن الكريم في مثل قوله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فصلت: 53.  

رسم يوضح بدأ الكون بعد الانفجار العظيم الذي يعتبر بداية الكون


وعندما يكون مصدر موجة صوتية أو ضوئية مقتربًا تتضاغط أمامه الموجات ويتزايد ترددها بينما تتخلخل إذا كان مبتعداً, ويُعرف هذا بتأثير دوبلر Doppler Effect, وبرصد انحراف خطوط الطيف نحو الجانب الأحمر Red Shift اكتشف إدوين هابل Edwin Hubble عام 1929 أن المجرات العظمى تبدو في تباعد تتزايد سرعته مع البعد بمعدل ثابت سُمِّيَ بثابت هابل Hubble Constant, ومع بلوغ سرعة التباعد قيمة سرعة الضوء لا يُشاهد الضوء القادم ويَتَعَيَّن حد الكون المُمْكِن الرَّصد؛ وبالتالي يُمكن تقدير عمر الكون وفق قانون هابل (عمر الكون = {سرعة الضوء × مليون} \ثابت هابل), وباعتبار ترواح قيمة ثابت هابل بين 30 و20 كم\ثانية يكون عمر الكون في حدود 10 إلى 15 بليون سنة, وفي عام 2001 قَدَّر تشارليس بينيت Charles Bennett للكون العمر: 13.75 بليون سنة, ومن العجيب أن تُستنتج نفس القيمة تمامًا إذا اعتبرت أيام الخلق الستة في القرآن الكريم تمثيل لمراحل متطاولة يُمكن تقسيمها لمراحل ثلاث كل مرحلة تُمَثَّل بيومين, وأن العمر الجيولوجي للأرض 4.75 (4.5 - 5) بليون سنة, واكتمالها منذ حوالي 0.25 بليون سنة؛ فيكون بدء الخلق منذ: 13.75 بليون سنة, بينما استنتج الأسقف جيمس أوشرJames Ussher (1581-1656) من الأسفار أن بدء خلق العالم ليلة الأحد 23 أكتوبر عام 4004 ق.م, واختار القس لايتفوت Lightfoot (1602- 1675) عام 3929 ق.م؛ أي بعد نشأة الحضارة بقرون.

وخلاصة القول أنه منذ إعلان هابل Hubble عام 1929 أن المجرات العظمى تبدو في تباعد يتناسب تسارعه مع البعد؛ تأكد أن الكون كان مكدَّسًا في حيز ضئيل ذو حرارة هائلة ليس لها في الكون الحالي مثيل، وتأيد بدء الخلق باكتشاف بنزياس وولسن عام 1973 لإشعاع يتناسب مع شدَّة الحرارة عند الابتداء سموه الخلفية الإشعاعية Background Radiation, وجاء الكشف العلمي الجديد مؤيدًا لبدء الخلق, وحينئذ لم تكن قد وُجِدَت بعد تنوُّعَات؛ لا جسيم ولا ذرة ولا مجرة، لم يكن سوى حركة جسيمات أولية في عجل؛ اهتزاز في الخلاء بأقصى سرعة، فسموها حالة التفردSingularity ، ولك أن تتساءل مذهولاً: أي قدرة مُفزعة خَلَقَت في نهاية المطاف من عَجَل إنسانًا؛ حيث لا أجسام عند الابتداء سوى العَجَل!، وأي رهبة تأخذك عندما يُخبرك المُبدع القدير بالنبأ؛ قال تعالى: "خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ" الأنبياء 37.

المراجع:
• المكتبة الشاملة (آلاف المراجع الإسلامية).
• الموسوعة البريطانية وموسوعة إنكارتا.
• الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت).
 


 

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
SCRIPT SRC='HTTP://AJAX.GOOGLEAPIS.COM/AJAX/LIBS/JQUERY/1.4.2/JQUERY.MIN.JS?VER=1.4.2' TYPE='TEXT/JAVASCRIPT'/>